responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 4  صفحة : 25
وَفِي قَوْلِهِ: غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ رَمْزٌ إِلَى نَزْعِهِ وِلَايَةَ الْحَرَمِ مِنْ أَيْدِيهِمْ: لِأَنَّهُ لَمَّا فَرَضَ الْحَجَّ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنْهُ، وَأَعْلَمَنَا أَنَّهُ غَنِيٌّ عَنِ النَّاسِ، فَهُوَ لَا يُعْجِزُهُ مَنْ يَصُدُّ النَّاسَ عَنْ مُرَاده تَعَالَى.
[98، 99]

[سُورَة آل عمرَان (3) : الْآيَات 98 إِلَى 99]
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلى مَا تَعْمَلُونَ (98) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَها عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَداءُ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (99)
ابْتِدَاء كرم رَجَعَ بِهِ إِلَى مُجَادَلَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَمَوْعِظَتِهِمْ فَهُوَ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ صَدَقَ اللَّهُ الْآيَةَ.
أَمَرَ الرَّسُولُ- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- بِالصَّدْعِ بِالْإِنْكَارِ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ. بَعْدَ أَنْ مَهَّدَ بَيْنَ يَدَيْ ذَلِكَ دَلَائِلَ صِحَّةِ هَذَا الدِّينِ وَلِذَلِكَ افْتَتَحَ بِفِعْلِ قُلْ اهْتِمَامًا بِالْمَقُولِ، وَافْتَتَحَ الْمَقُولَ بِنِدَاءِ أَهْلَ الْكِتَابِ تَسْجِيلًا عَلَيْهِمْ. وَالْمُرَادُ بِآيَاتِ اللَّهِ: إِمَّا الْقُرْآنُ، وَإِمَّا دَلَائِلُ صِدْقِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالْكُفْرُ عَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ بِمَعْنَاهُ الشَّرْعِيِّ وَاضِحٌ، وَإِمَّا آيَاتُ فَضِيلَةِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَلَى غَيْرِهِ، وَالْكُفْرُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِمَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ وَالِاسْتِفْهَامُ إِنْكَارٌ.
وَجُمْلَةُ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلى مَا تَعْمَلُونَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ لِأَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يُوقِنُونَ بِعُمُومِ عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فَجَحْدُهُمْ لِآيَاتِهِ مَعَ ذَلِكَ الْيَقِينِ أَشَدُّ إِنْكَارًا، وَلِذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ جَعْلُ وَاللَّهُ شَهِيدٌ مُجَرَّدَ خَبَرٍ إِلَّا إِذَا نُزِّلُوا مَنْزِلَةَ الْجَاهِلِ.
وَقَوْلُهُ: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ تَوْبِيخٌ ثَانٍ وَإِنْكَارٌ عَلَى مُجَادَلَتِهِمْ لِإِضْلَالِهِمُ
الْمُؤْمِنِينَ بَعْدَ أَنْ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ ضَلَالَهُمْ فِي نُفُوسِهِمْ، وَفُصِلَ بِلَا عَطْفٌ لِلدَّلَالَةِ عَلَى اسْتِقْلَالِهِ بِالْقَصْدِ، وَلَوْ عُطِفَ لَصَحَّ الْعَطْفُ.

اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 4  صفحة : 25
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست